هل تلحظين على طفلك شعوره بالملل وميولا عدوانية دون وجود سبب؟
تجهلين.. لماذا يعانى من صعوبات فى التعلم رغم أنه يبدو كالأطفال العاديين؟
لا يميل إلى فرط النشاط والحركة.. ولا يعبر عن مشاعره أو مشكلاته بالكلام، وكثيرا ما يشكو ويتألم من الأمراض التى يصعب تشخيصها..
إذن لا تتهاونى فى التدخل المبكر لعلاج هذه الأعراض الإكتئابية التى تعتبر ناقوس الخطر المنبئة بظهور مرض الإكتئاب، كما تؤكد د.رانيا محمد على قاسم المدرس بقسم العلوم النفسية كلية رياض الأطفال جامعة الفيوم.
فمن المتعارف عليه -كما تقول- أن الإكتئاب من أكثر الإضطرابات النفسية إنتشارا فى العالم وأشدها خطورة على الصحة الجسدية والمعرفية والنفسية والإجتماعية، وقد أكدت العديد من الدراسات وجود علاقة وثيقة بين إكتئاب الطفولة وضعف الأداء والإنجاز الدراسى، كما أنه يرتبط بعدم إستمتاع الأطفال بالحياة، ويرتبط أيضا بالتشويه المعرفى لذواتهم وعدم تبادل العلاقات الإجتماعية فيما بينهم وعدم ممارستهم للأنشطة السارة، فإذا لم يلتفت الآباء إلى الأعرض الإكتئابية التى يعانى منها أبناؤهم فى مرحلة الطفولة المبكرة فمن الممكن أن يؤدى ذلك إلى إصابتهم بالإضطرابات السلوكية والإدمان وإرتكاب الجرائم والإنتحار، ومن ثم كان هناك ضرورة للكشف عن أسباب الأعراض الإكتئابية لدى الأطفال وخاصة بعد أن لوحظ زيادة نسبتهم لدى الأسر التى تتسم بزيادة عدد أفرادها وإرتفاع معدلات الإصابة به لدى الفتيات مقارنة بالبنين، وقد كانت الفتيات المكتئبات أكثر حزنا أما المكتئبون من البنين فقد كانوا أكثر غضبا.
أما عن أسباب إكتئاب الأطفال فترجعه العالمة كارين هورنى إلى الشعور بالعجز والقلق وفقدان الأمان الذى قد ينجم عن إهمال الوالدين للطفل، مما قد يدفعه إلى إتخاذ أساليب مختلفة لمواجهة هذه المشاعر، أما السبب الأكثر شيوعا فى إكتئاب الطفل فهو إحتمالية وجود أخطاء فى الأساليب التربوية التى قد تؤدى الى إهتزاز ثقته فى نفسه وخوفه الدائم من العقاب البدنى أو التأنيب وتوجيه اللوم له فى حالة التعبير عن مشاعره المخالفة للكبار، كما أن الأسر المريضة بالإكتئاب هى المسئولة عن إصابة أطفالها بالإكتئاب، كما أن زيادة المشكلات النفسية للأم وإكتئابها ينعكس بالضرورة على أبنائها.
ويرى العلماء أن سبب الإكتئاب هو أحداث الحياة الضاغطة وضغوط العمل والتلوث البيئى والخلافات الأسرية والتى ترتبط إرتباطا وثيقا بالسوء النفسى والإضطراب، ونظرا لما يتعرض له الوطن فى الوقت الراهن من إضطرابات سياسية وأمنية وإقتصادية والتى إنعكست على الآباء والأمهات فى زيادة الأعراض الإكتئابية فقد إنتقلت بالتالى هذه الأعراض على بعض من أطفالهم مما ساهم فى معاناتهم فى أعمار مبكرة من الإكتئاب.
وقد أكدت الدراسات أن الإكتئاب أكثر شيوعا لدى الإناث مقارنة بالذكور بنسبة 1:2، وقد وجد أن الفتيات المكتئبات أكثر حزنا، أما الفتيان فأكثر غضبا، وقد أرجعت السبب فى هذه الزيادة إلى العديد من العوامل منها البيولوجية والإجتماعية، فهناك الهرمونات التى تؤثر مباشرة على كيمياء المخ والتى تتحكم فى العواطف والمزاج وكذلك الحساسية كأعراض لما قبل الحيض، وقد أكد العلماء أن هناك علاقة وثيقة بين إكتئاب الأم وإكتئاب إبنتها نظرا لأن البنت غالبا ما تحب أن تقلد أمها وتقوم بدورها فتتحدث وتتصرف كما تفعل، فتسعد عندما تفرح وتكتئب عندما يصيبها الإكتئاب.
أما عن تفسير إرتفاع نسبة الإكتئاب عند المرأة مقارنة بالرجل، فتؤكد د.رانيا قاسم أن السر فى ذلك أن معظم الأسر المصرية -والعربية عامة- تفضيل الذكر على الأنثى فتفرح لقدوم الطفل الذكر وتشعر بالصدمة عند قدوم الطفلة الانثى، وويل للزوجات اللاتى لا ينجبن ذكورا حيث يكون مصيرهن فى الغالب هو الطلاق، مما يشعر الطفلة ومنذ نعومة أظفارها بالإضطهاد والإكتئاب.
ولأن هناك حقيقة علمية تقول: حينما يحدث الإكتئاب للطفل فى مرحلة مبكرة من العمر فان هذه الأعرض تستمر معه كفرد فى المراحل العمرية التالية مما يشكل خطورة على حياته، فيرى أساتذة وعلماء النفس ضرورة التدخل المبكر للحد من تطوره فى مراحله المتأخرة وتقديم يد العون للطفل المكتئب أو من لديه أية أعراض إكتئابية، وذلك بإشباع حاجاته النفسية الأساسية، ومن أهم هذه الحاجات وجود التجاوب العاطفى فى دائرة الأسرة وحصوله على الحب من والديه وتبادل المحبة والحنو معهما، كما ينبغى معرفة العوامل التى أدت إلى إصابتهم بالأعراض الإكتئابية.
الكاتب: سعدية شعيب.
المصدر: جريدة الأهرام اليومي.